
شارك المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، يوم الاثنين 30 يونيو 2025، في النقاش السنوي حول التأثيرات السلبية للتغير المناخي، المنظم في إطار الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.
وقد ركز النقاش هذا العام على سبل تيسير انتقال عادل يُراعي التحديات المناخية المتزايدة وتأثيراتها العميقة على ممارسة حقوق الإنسان، مع عرض للتجارب الفضلى والممارسات الجيدة من مختلف دول العالم.
في مداخلة شفوية في هذا النقاش السنوي، شدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أنه "لا يمكن فصل العدالة المناخية عن العدالة الاجتماعية"، مشيراً إلى أهمية التحليل القائم على حقوق الإنسان عند صياغة وتنفيذ التدابير والإجراءات المتعلقة بالتغير المناخي.

“الأزمة المناخية هي بالأساس أزمة حقوقية”، يقول السيد فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في افتتاح النقاش الأممي السنوي، محذرًا أن من شأن عدم توفير حماية فعالة للمتضررين من آثار المناخ مفاقمة الظلم وعدم المساواة في العالم.
السيد تورك نبه إلى الاختفاء المحتمل لملايين الوظائف في قطاعات الطاقة الأحفورية مقابل تحوّل غير متوازن في سوق الشغل، حيث يفتقر 3.8 مليار شخص إلى أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية. في هذا السياق، ثمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب، على اعتبار أن ذلك يمثل رافعة أساسية للحد من تداعيات مثل هذه التحولات، لا سيما في علاقتها بسوق الشغل.
وقد دعا المجلس، ضمن توصياته، إلى اعتماد أربعة تدابير رئيسية لضمان انتقال عادل:
- تجميع النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة في مدونة موحدة تُكرس فعلية حقوق الإنسان البيئية؛
- تعزيز التنسيق بين الفاعلين في السياسات البيئية لحماية الفئات الهشة؛
- مواصلة تطوير بدائل اقتصادية أكبر وأكثر فاعلية توفر دخلًا للفئات المتضررة، مع ضمان تأهيل مهني للانتقال نحو أنشطة مستدامة؛
- إشراك المقاولات الصغرى والمتوسطة ومواكبتها لتتلاءم مع الإطار التنظيمي الجديد.
في تصريح للموقع بمناسبة هذا النقاش الأممي، شددت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أنه "لا يمكن اختزال الاستجابة لتحديات التغيرات المناخية في أبعاد وإجراءات تقنية أو اقتصادية فحسب". بل يجب أن تُبنى مقاربة الاستجابة بالأساس، تضيف السيدة بوعياش، "على مبادئ حقوق الإنسان، وعلى رأسها العدالة والكرامة والمساواة”. الانتقال العادل ليس خيارًا، تقول، بل "ضرورة لضمان عدم تهميش الفئات الهشة، خاصة في المناطق المتأثرة بالجفاف أو فقدان مصادر العيش”. من أجل ذلك يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن العدالة المناخية والعدالة الاجتماعية وجهان لعملة واحدة… في سياق ترافعه من إدراج العدالة البيئية/المناخية ضمن السياسات العمومية.

استحضارا للأبعاد الإقليمية والدولية المرتبطة بتأثيرات التغيرات المناخية، تقول السيدة بوعياش "أن أزمة التغيرات المناخية، التي نعيش اليوم أحد تجلياتها، لا تعترف بأية حدود جغرافية، وإن كانت آثارها تمس بشكل متفاوت الشعوب والمناطق، في ظل تفاوتات كبرى على مستوى القدرة على التأقلم والاستجابة. ما يُعزز الحاجة إلى مقاربة تضامنية دولية، تضيف رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
"الدفاع عن حقوق الإنسان في علاقتها بالتغيرات المناخية يتطلب تحالفًا دوليًا يذهب أبعد من الالتزامات الطوعية، نحو آليات ملزِمة تُحمّل الدول والمؤسسات العالمية مسؤولياتها في الحد من الانبعاثات، وتضمن تمويل الانتقال البيئي في البلدان الأكثر هشاشة”.
لا يمكن تحقيق العدالة المناخية إلا بتمكين المجتمعات في الجنوب العالمي من الولوج العادل للتكنولوجيا والمعرفة والتمويل، مما يستدعي إعادة النظر في مرتكزات منظومة الحماية البيئية على المستوى الدولي