نشر في

في إطار سلسلة الندوات الفكرية التي نظَّمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن فعاليات رواقه بالدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، احتضن رواق الحقوق والتعابير، في يومه السادس، ندوة حول موضوع “المشترك الثقافي وترسيخ قيم الحوار والتسامح، أطر نقاشاتها الباحث في تاريخ المغرب الراهن، المؤرخ السيد الطيب بياض، والسيد فوزي الصقلي، المتخصص في التصوف ومؤسس مهرجان فاس للموسيقى الصوفية العالمية.

وشكّلت هذه الندوة مناسبة لتبادل الرؤى حول أهمية البُعد الثقافي في بناء مجتمعات متعايشة ومنفتحة. وتناول اللقاء، الذي سيره الأستاذ أسامة الزكاري، الباحث في تاريخ المغرب الراهن، خصوصا الدور الحيوي الذي يمكن أن يضطلع به المغرب، بفضل تنوعه الثقافي وعمق تاريخه وهويته، في تعبئة الثقافة لترسيخ القيم الحقوقية وتعزيز التعايش السلمي. 

"الثقافة أداة استراتيجية لمواجهة التحديات الراهنة"… هذه، واحدة من الخلاصات الكبرى لهذا اللقاء. 

في هذا السياق، أبرز الأستاذ بياض أهمية التراكم الثقافي الممتد عبر الزمن الطويل في تشكُّل الهوية المغربية، مشيرًا إلى أن "التعبيرات الثقافية تفاعلت داخل المغرب في مسار تاريخي غير قسري بين المحلي والوافد"، مما أفرز خصوصية ثقافية مغربية متماسكة. كما أشار إلى أن موقع المغرب الجغرافي جعله نقطة التقاء لمؤثرات ثقافية متعددة من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وأن "الذات المغربية كانت دائمًا فاعلة، تستوعب وتعيد تشكيل القادم من الخارج وفق خصوصياتها".

من جهته، تناول الأستاذ فوزي الصقلي، موضوع التصوف المغربي ودوره المحوري في بناء هوية روحية متميزة، مشيرًا إلى أن هذا التصوف "يعتبر ممارسة روحية واجتماعية وثقافية متجذرة في الحياة اليومية المغربية". واعتبر أن التجربة المغربية في هذا المجال أفرزت نموذجًا متفردًا في إدماج البُعد الروحي ضمن السياق الحضاري، بما يعزز الانفتاح ويُكرس الحوار.

وأشار الأستاذ الصقلي كذلك إلى أهمية الجمع بين العمل الإشعاعي داخليًا وخارجيًا، والعمل الأكاديمي، من أجل بلورة آليات فعالة لنقل هذا البعد الكوني للتصوف المغربي. وثمّن في هذا السياق الدور الذي تلعبه المهرجانات الثقافية الكبرى، ومن بينها مهرجان فاس، باعتبارها منصات لتعزيز قيم التبادل والانفتاح والتسامح.

وأجمع المشاركون في الندوة على ضرورة تثمين التراث الروحي والثقافي المغربي، باعتباره رافعة للتنمية ووسيلة لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان والحوار ضمن السياسات العمومية.

اقرأ المزيد